کد مطلب:306565 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:170

مراعاة السماء لشعور الزهراء


یا للفضاعة.. فاطمة التی ما كانت تسمع إلّا كلمات الحب والود و من أظهر لسان (سید المرسلین) الیوم یمطر علیها القدر بسخریته فیجعلها متهمة بمثل هذه الكلمات التی نسی قائلها من تكون.

فهی بضعة محمد و عزیزته و روحه التی بین جنبیه و هی الصدیقة علی لسان نبیه صلی اللَّه علیه و آله و سلم «و إنها أصدق لهجة بعد أبیها و بعلها». و هذا علی لسان عائشة. [1] .

و أنی لعاجزة سیدتی عن ذكر مناقبك التی لا تسعها هذه الوریقات.

فهذا هو رب الجلال و الاكرام و العظمة یراعی شعور البتول المرهف، و لا یخدش أحساسها الرقیق..

و هذا متجل فی سورة (هل أتی). عندما ذكر جزاء أهل البیت، و مقامهم المحمود عنداللَّه بقوله تعالی: (و جزاهم بما صبروا جنة و حریراً.. إلی قوله تعالی.. و كان سعیكم مشكوراً). [2] .

.. فذكر اللَّه عز و جل كل نعیم الجنة، و لذاتها كالاشجار، والانهار، والولدان، والطعام، والقصور و جمیع ما یتعلق بهذا الباب.

لكنه سبحانه، لم یذكر كالمعتاد (الحور العین) و انما ذكر (الولدان المخلدون) [3] .


(رعایة لحرمة البتول، و قرة عین الرسول) [4] .

أجل سیدتی تغاضی الرجل عن هذه الحقیقة الجلیة.. التی یعرفها كل مسلم، انك سلام اللَّه علیك معصومة زكیة طاهرة عن تلك التهم.

لكن الزهراء الرفیعة الصابرة المتحملة لكل المصائب، ما عبأت بكلامه، لانها تعرف من تكون هی و من هو.. فتركته و اجابته و هی تنتزع كلماتها انتزاعاً، و و كأنها اُجبرت علی أن تجیبه:-

(لا حباً و لا كرامة، أبحزب الشیطان تخوفنی یا هذا، و كان حزب الشیطان ضعیفاً).

.. فعلت رنات صوت الرجل، و كأن الكلمات كانت متبعثرة فی فیه، فلا یعلم بماذا یجیب، غیر هواجس نفسه، فطاوعها مستسلما لها و قال:

- (ان لم یخرج جئت بالحطب الجزل، واضرمتها ناراً علی أهل هذا البیت و احرق من فیه أو یقاد علی إلی البیعة). [5] .


.. فانفجرت روح الزهراء بفورة، و صاحت بحرقة:

-(یا هذا أما تتقی اللَّه عز و جل تدخل علیّ بیتی، و تهجم علیّ داری). [6] .

فاشاح الرجل بوجهه و اذا بمناد یعلمه من فی الدار؟

فرشقه الرجل بعینیه القاسیتین، ینظر بهما نظرة شزراء و هو یجب:

- (فاطمة، و بعلها، و بنیها).

ثم اردف مبتسماً، و قد فتح عینیه أكثر:- (اضرمها، و ان كانوا).


[1] هذا ما ذكره صاحب الرياض النضرة ج 2 ص 202، و بحديث آخر عن عائشة رواه حلية الاولياء ج 2 ص 42، الاستيعاب ج 2 ص 751، ذخائر العقبي ص 44، تقريب الاسانيد و شرحه ج 1 ص 150، مجمع الزوايد ج 9 ص 201 و قال رجاله رجال الصحيح.

[2] آية 12- 13- 14- 22-15.

[3] قال صاحب تذكرة الخواص: (حتي عجب العلماء من شرح هذه الاجور، واستطرفوا عدم ذكر (الحور) مع النعيم المذكور (فقيل): لهم ما ذاك إلّا غيرة علي زهراء الانس من ذكر الضراير، لأن الحور مملوكات، والمملوكة لا يذكرون مع الحراير.

[4] والطريف في الأمر هنا، هو ما قد ذكره بعض المفسرين من أهل السنة، كالآلوسي البغدادي في تفسيره المعاني ج 10 جزء 29 ص 199: و إنما ذكر (الولدان المخلدون) رعاية لحرمة البتول و قرة عين الرسول لئلا تثور غيرتها الطبيعية اذا أحست بضرة، و هي في افواه تخيلات الطباع البشرية في الجنة مرة.

[5] هذا المعني اخرجه جمع من المؤرخين فمنهم الامام ابن قتيبة الدينوري في الامامة و السياسة ج 1 ص 24- 30 و اضاف: (قال عمر والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها علي من فيها، فقيل يا أباحفص ان فيها فاطمة فقال و ان) و محمد بن جرير الطبري في تاريخه ج 3 ص 202، و شهاب الدين بن عبد ربه المالكي في العقد الفريد ج 5 ص 13، و ابوالفداء في تاريخه ج 1 ص 164 أو 156، أعلام النساء ج 4 ص 114، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 105، تاريخ ابن شحنة بهامش الكامل ج 7 ص 164، أنساب الأشراف للبلاذري ج 1 ص 586 ط دارالمعارف و جاء فيه: (فتلقته فاطمة علي الباب فقالت فاطمة يابن الخطاب اتراك محرقاً عليَ بابي قال نعم و ذلك اقوي مما جاء به أبوك) و عبدالفتاح عبدالمقصود في تاريخ علي ابن أبي طالب ص 225.

راجع حادثة التحريف والهجوم علي بيت فاطمة عليهاالسلام تاريخ الطبري 2/ 443، تاريخ ابي الفداء 2/ 64، العقد الفريد 4/ 254، الامامة و السياسة 1/ 12، أعلام النساء 4/ 114، تاريخ اليعقوبي 2/ 11، الفتوح ابن أعثم 1/ 13، شرح النهج ابن ابي الحديد 2/ 65.

[6] ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ج 4 ص 189، المسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 308، و اخرج ذلك ابن جرير الطبري في تاريخ الامم و الملوك ج 3 ص 148، و أيضاً ابن عبدربه في العقد الفريد ج 5 ص 12 ط الرياض الحديثة، و أيضاً الشهرستاني في الملل والنحل ج 1 ص 56، و كنزالعمال للهندي ج 5 ص 651، و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج 1 ص 134.